لست ظالما ولا أنا بالمظلوم.
لا أنا الجلاد ولا الضحية.
لست القاضي و لا أنا بالمحامي ولا المحاكم.
ما أنا سجان ولا المسجون.
بكت الأيام حولي وأنا المهموم.
في محكمة الأيام صدر الحكم المشئوم.
ضحك الليل على النهار.
و غازل القمر النجوم في عز الضحى.
رفع آذان الظهر و كل الناس نيام.
نوم ليل أم نهار ؟.
الجواب عند أصحاب الحكم المشئوم.
بكى الحضور و زغردت الأقلام.
لا الورق تكلم و لا القاضي استأذن.
حكم بالإعدام في حق من لم يعرف الحياة.
لست الباكي و لا باللاهي.
لا أنا محب ولا بحبيب.
لست عاشقا ولا ولهان.
لا أنا بقيس ولا بابن زيدون.
فمن أين لي بليلى أو ببثينة.
كيف لقلب دفن منذ زمن أن يعرف الحب.
سألت عن وفاء أجابتني سمية.
سألت عن طبيب أرشدوني مشعوذا.
لا الموت حلت ولا العذاب رحل.
لا الألم زال ولا نوم ارتديت.
لا عين ترى ولا أذن تسمع.
لا شفاه تبتسم و لا قلب يحب.
فالحياة رحلت مع سرب الحمام.
إلى أين رحلت ؟.
أللأمازون أم للأدغال؟.
أرحلت إلى قلب إنسان.
أم هي جاثمة على صخرة كبيرة كانت، أم صغيرة ؟.
في صحراء أم نهر أم جبل.
ربما في يوم ما ستتكلم.
تراها ما ستقوله للزمن.
أتبكي أم تهذي أم تضرب طبول الحزن.
وترتشف دموع اليتامى.
في أرقى النوادي والمقاهي.
تقيم الأعراس لترقص على قلوب المغبونين.
الذين لم تترك لهم الحياة.
لا بسمة ولا ابتسامة.
لا راحة ولا أمان.
لا أمل ولا شوق ولا حنين.
اجتهدت الأيادي لتجعل الحزن فرح.
لتزرع في قلب الصخر الفل و الياسمين.
احتالت الأيادي لتصنع الذهب من التراب.
لتبدع أطيب العطور من كل ما هو مقزز.
لتبعث الحياة في كل نفس ناشدتها.
لتضع نقطة خلف آخر عبارة حزن.
لتطوي آخر صفحة سوداء.
و ترمي آخر كتاب ألم.
في مكتبة الماضي البعيد.
لتنسى كل ما هو حزين.
و ترمي البذلة السوداء في قمامة التاريخ.
و تعصر من الحنظل أطيب عصير.
لأطيب قلب.
فتش عن الحب والأمان.
عن يد حنينة تمسح على رأسه.
ترترب على كتفيه.
تمسح دموعه إلى الأبد.
وصدر حنين يرتمي في أحضانه.
يرتشف من عصير الحب والحنان.
شفاه رقيقة تقبل جبينه.
تقبل عينيه الجاحظتين.
عن أياد قوية.
تشيد قلاع الأمان وحصون الزمن.
تكسر كل حكم صدر من محكمة الأيام.
...
حل الليل وغابت الشمس.
لا القمر سطع ولا النجوم.
كل مشيد أنهدم.
كل الأحلام طردت والكوابيس اصطفت.
لتقضي على كل أمل.
و ترسم ذاك الحكم.