السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
قيمة الزمن
إن التفنن الذي تعيشه أمتنا رجالاً ونساءً في تضييع أوقاتها على الصعيدين العام والخاص ، أدى إلى أن يمضي العالم بدوننا إلى المستقبل ، واعتبارنا من أيتام التاريخ ، وإن لم يتحول هذا التفنن إلى تفنن في استغلال هذه الأوقات وإعمارها على الوجه الصحيح ، فستبقى الهوة بيننا وبين المستقبل كبيرة.
إن قضية قيمة الزمن ، ثمة قضية حضارية ، ولبعد غورها ، وكبير أثرها ، وشديد مساسها ، لا يكتفى في طرحها ومعالجتها بعقد مؤتمرات أو حلقات دراسية ، أو إلقاء محاضرات ، على أهمية ذلك وفائدته .
إنها تحتاج إلى أن ترضع مع لبن الأمهات ، وأن تكون في مسلك الآباء والمجتمع أفراداً ومؤسسات ، واضحة المقصد ، سامية الهدف ، إن فئاماً من الناس كثير ، ظنوا أن العبادة مقصورة على شعائر محددة ، وبعضهم حرف مفهومها ، وحقيقة الأمر بخلاف ذلك ، إذ العبادة تشمل الدين كله ، وتشمل الحياة كلها ، وتشمل كيان الإنسان كله ، ظاهره وباطنه.
بل هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
إنه بدون هذا المفهوم الجامع للعبادة لا يمكن للمرء أن يدرك قيمة الزمن وأهميته وبالتالي أن يغتنمه ، ويتوجه نحو إعماره ، فكان لزاماً أن يدرك الإنسان وجوده وإنسانيته ووظيفته ، فيعمر أوقاته كلها بطاعة الله تبارك وتعالى.
وليعلم أن العادات والمباحات ، إذا حسنت النية فيها ، صارت عبادات .
قال ابن القيم :" فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمر أسرع من مر السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله ، فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوباً في حياته ، وإن عاش فيه عاش عيش البهائم ، فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة ، وكان خير ما قطعه به النوم البطالة ، فموت هذا خير له من حياته.... " أ.هـ (1)
هذا ، وقد درج كثير من التربويين في طرح مثل هذا الموضوع بالحديث عن عوائق استغلال الوقت ، والعوامل المساعدة على استغلال الوقت والسبيل إلى القراءة بدون ملل ولا ضجر .
وقد كان الأجدر التنويع في الطرح ، تبعاً لاختلاف أجناس الناس ، وطبيعة التركيبات البشرية التي خلق عليها الإنسان . ومن هذا المنطلق أود في هذه العجالة ، أن أضع بين يدي القارئ الكريم ، قواعد في قيمة الزمن ، تجديداً في طرح معالجة مشكلة ضياع الأوقات ، وأعد القارئ الكريم في المستقبل بشرحها وبيانها ،
وإليك القواعد: ــ (2)
1. الزمن هو أجل وأشرف ما يحصله العقلاء ، بإجماع العلماء .
2. من شرف الزمان أن العاقل يحرص على اغتنامه إلى حال النزع والذماء
3. الاشتغال بالندم على الوقت الفائت ، تضييع للوقت الحاضر .
4. التسويف عجز وكسل .
5. اعتقاد التفرغ من الشواغل في مستقبل الأيام ، وهم وسراب .
6. إنما تضيع الأزمان بصحبة البطالين.
7. إنما تكمل العقول بترك الفضول .
8. ترويح النفس بقدره ووجهه كسب للزمان ، والقلب إذا كل عمي.
9. دوام العطاء ولو كان قليلاً ، يكون منه ما يعجز.
10. من شغل نفسه بغير المهم ضيع المهم وفوت الأهم .
11. لكل وقت ما يملؤه من العمل .
12. لله في أيام دهرنا نفحات ، فالموفق من تعرض لها .
13. من طوى منازل في منازل ، أو شك أن يفوته ما جد لأجله.
14. بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى .
وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــ
المراجع
(1) الجواب الكافي ، لابن القيم ص163
(2) سوانح وتأملات في قيمة الزمن لخلدون الأحدب ص27ــ 81 بتصرف
إن التفنن الذي تعيشه أمتنا رجالاً ونساءً في تضييع أوقاتها على الصعيدين العام والخاص ، أدى إلى أن يمضي العالم بدوننا إلى المستقبل ، واعتبارنا من أيتام التاريخ ،
الساعة معتمدة بتوقيت جرينتش +3 الساعة الآن: 08:35 AM
موقع القرية الالكترونية غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء
فعلى كل شخص تحمل مسئولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق وأعطاء معلومات موقعه
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع القرية الالكترونية ولايتحمل الموقع أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)