وللصبر مراتب خمسة ذكرها الفيروزآبادي :
أولها صابر: وهو أعمّها .
ومصطبر: وهو المكتسب للصبر.
ومتصبِّر : أي يحمل نفسه على الصبر .
وصبور : العظيم الصبر في الوصف والكيف.
ثم صبّار : يعني الشديد الصبر في القدر والكم .
وقال ابن القيم رحمه الله الصبر باعتبار متعلقه ثلاثة :
صبر الأوامر والطاعات حتى يؤديها .
صبر عن المخالفات والنواهي حتى لا يقع فيها .
وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها .
وقال الفيروزآبادي الصبر ثلاثة أنواع :
صبر بالله ، وصبر مع الله ، وصبر لله .
عباد الله .. بعد هذا الكلام وهذه المقدمة .. ما هو الصبر؟
قالوا:الصبر هو حبس النفس على طاعة الله بالمحافظة عليها دواماً، ورعايتها إخلاصاً ، وتحسينها علماً.
أعيد : الصبر هو حبس النفس على طاعة الله بالمحافظة عليها دواماً .. نعرف من يصلي الفجر يوماً وينقطع أيام .. نعرف من يصلي الفجر يوماً وينقطع أيام .. فالصبر حبس النفس على طاعة الله بالمحافظة عليها دواماً ، ورعايتها إخلاصاً ، وتحسينها علماً.
والصبر هو كف النفس عن المعاصي وثباتها في مقاومة الشهوات ومقاومة الهوى في العلن وفي الخلوات .. كم نصبر أمام الناس! .. كم نصبر أمام الناس .. وإذا خلونا بالمحارم .. إذا خلونا بالمحارم انتهكناها ..
وقالوا الصبر هو الرضا بقضاء الله وقدره دون شكوى فيه أو شكوى معه .
يجري القضاء وفيه الخير نافلة
إن جاءه فرحٌ أو نابه ترحٌ
لمؤمنٍ واثق بالله لا لاهي
في الحالتين يقول الحمد للهِ
ولقد أمرنا الله بالصبر، ونهانا عن ضده ، وأمرنا بالاستعانة به.
أما في الأمر فقال : { يَا أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اْصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ }.
أما في النهي عن ضده فقال : { فَاْصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ } .
أما بالأمر في الاستعانة به فقال الله : { يَِا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمنُوا اْسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ } .
وأثنى الله على الصابرين بأنه يحبهم وكفاهم شرفاً .. أخبر أنه يحبهم وأنه معهم ..
أما الثناء فقال الله : { وَ الصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ البَّأسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ } .
أما إخباره بحبه لهم ففي قوله : { وَ اللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ } .
وقال في الأنفال مخبراً عن معيته لهم : { وَ اصْبِِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } .
ومن آيات الصبر أخبرنا سبحانه أن الصبر خير لأصحابه .. ومن آيات الصبر التي مرت بنا أخبرنا سبحانه أن الصبر خير لأصحابه وأنه يؤتيهم أجرهم بغير حساب.. بل أطلق البشرى لهم فلم يقيدها .. فتأمل في هذه الآيات { وَ أَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَكُمْ وَ اللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }،وقال:{ إِنَّمَا يُوَفَى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } ، وقال : { وَ لَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الخَوْفِ وَ الجُوْعِ وَ نَقصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَ الأَنفُسِ وَ الثَمَرَاتِ وَ بَشْرِ ( من؟! ) بَشْرِ { الصَّابِرِينَ } اللهم اجعلنا منهم ..
وجمع للصابرين من الفضل والأجور ما لم يجمعها لغيرهم فقال الله : { أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبّهِم وَ رَحْمَةٌ وَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ } صلوات وهدىً ورحمة ..
قال الشعبي رحمه الله : أولئك – أي الموصوفون بالصبر المذكور – عليهم صلوات من ربهم .. أي ثناء وتنويه بحالهم ورحمة...ومن رحمته إياهم أن وفقهم للصبر .. ومن رحمته إياهم أن فقهم للصبرالذي ينالون به كمال الأجر ، وأولئك هم المهتدون الذين عرفوا الحق وهو في هذا الموقع علمهم بأنهم لله وأنهم إليه راجعون .
ثم قال رحمه الله : ودلت هذه الآية على أن من لم يصبر فله ضد ما لهم ، فحصل له الذم من الله والعقوبة والضلال والخسارة ..
فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين ، وما أعظم عناء الجازعين .. انتهى كلامه رحمه الله ..
عباد الله .. حتى تتحقق مقاصدنا وآمالنا فلا بدَّ من الصبر ..
وكما قيل من صبر ظفر..فلولا الصبر لما حصد الزرَّاع بذرة ، ولما جنى الفارس ثمرة ، وكل ناجح لم ينجح إلاَّ بصبّره في تحقيق نجاحه فلا عوائق ولا موانع تقف أمام الصابرين ..
قال أبو يعلى الموصلي :
إني رأيت وفي الأيام تجربةٌ
وقلَّ من جدّ في أمر يحاوله
للصبر عاقبةٌ محمودة الأثر
واصطحب الصبر إلاَّ فاز بالظفر
قد يقعون لكنهم سرعان ما ينهضون..قد يفشلون مرة ومرة لكن الصابرين لا ييأسون ..
لا ييأسنَّ وإن طالت مطالبةٌ
إذا استنعت بصبرٍ أن ترى فرجاً
أقول هذا من أراد أمر من أمور الدنيا لا بدَّ أن يصبر ويصابر .. فكيف من أراد الفلاح بالآخرة !!.. كيف من أراد الفلاح بالآخرة !.. كيف من أراد حور وقصور وحبور! فطلَّاب الجنَّات أولى بالصبر والتحمّل ..كيف وقد حُمِّلوا الأمانة التي لتنوء بحملها السماوات والأرض والجبال ..
عباد الله.. إنَّ أهل الإيمان أشدّ تعرضاً للأذى والمحن والابتلاء في أموالهم وأنفسهم وكل عزيز لديهم لأنهم ينشدون الجنة وهي سلعة الله الغالية ..فلا بدَّ لها من ثمن ولا مفرَّ من الثمن ..إنَّ الله اشترى وهم.. وهم باعوا ..
ولقد دفع الثمن أهل الحق على مرّ العصور، فلا بدَّ أن يدفعه من سار على طريقهم ..بسم الله الرحمن الرحيم : { الم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُوا آَمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَ لَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ } .
قال صلى الله عليه وسلم : ( أشدّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة اشتدَّ عليه البلاء وإن كان في دينه رقة خُفف عنه البلاء و لا يزال البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)
منقول